responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 19
اعْلَمْ أَنَّ أُصُولَ الشَّرْعِ ثَلَاثَةٌ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرُّجُوعُ إلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ فَكَانَتْ أَعَمَّ مِنْ الْأُولَيَيْنِ، وَفِي تَقْدِيمِ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ عَلَى الْفِعْلِ أَشَارَ إلَى التَّخْصِيصِ كَمَا فِي إيَّاكَ نَعْبُدُ أَيْ أَخُصُّهُ بِتَفْوِيضِ الْأَمْرِ إلَيْهِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ وَأَخُصُّهُ بِالْإِقْبَالِ إلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَالْأَحْوَالِ

[أُصُولَ الشَّرْعِ ثَلَاثَةٌ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ]
قَوْلُهُ (اعْلَمْ أَنَّ أُصُولَ الشَّرْعِ ثَلَاثَةٌ إلَى قَوْلِهِ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ) اعْلَمْ كَلِمَةٌ تُذْكَرُ فِي ابْتِدَاءِ الْكَلَامِ تَنْبِيهًا لِلسَّامِعِ عَلَى أَنَّ مَا يُلْقَى إلَيْهِ مِنْ الْقَوْلِ كَلَامٌ يَلْزَمُ حِفْظُهُ وَيَجِبُ ضَبْطُهُ فَيَتَنَبَّهُ السَّامِعُ لَهُ وَيُصْغِي إلَيْهِ وَيُحْضِرُ قَلْبَهُ وَفَهْمَهُ وَيُقْبِلُ عَلَيْهِ بِكُلِّيَّتِهِ وَلَا يُضَيِّعُ الْكَلَامَ فَحَسُنَ مَوْقِعُهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ كَمَا حَسُنَ مَوْقِعُ وَاسْتَمِعْ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ} [ق: 41] ، وَهُوَ كَمَا يُرْوَى عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ لِمُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْمَعْ مَا أَقُولُ لَك ثُمَّ حَدَّثَهُ بَعْدَ ذَلِكَ» ، وَالْأُصُولُ هَهُنَا الْأَدِلَّةُ إذْ أَصْلُ كُلِّ عِلْمٍ مَا يَسْتَنِدُ إلَيْهِ تَحَقُّقُ ذَلِكَ الْعِلْمِ وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَيْهِ وَمَرْجِعُ الْأَحْكَامِ إلَى هَذِهِ الْأَدِلَّةِ، وَالشَّرْعُ الْإِظْهَارُ فِي اللُّغَةِ، وَهُوَ إمَّا بِمَعْنَى الشَّارِعِ كَالْعَدْلِ وَالزَّوْرِ بِمَعْنَى الْعَادِلِ وَالزَّائِرِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَدِلَّةُ الشَّارِعِ أَيْ الْأَدِلَّةُ الَّتِي نَصَبَهَا الشَّارِعُ عَلَى الْمَشْرُوعَاتِ أَرْبَعَةٌ وَيَكُونُ اللَّامُ لِلْعَهْدِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِضَافَةِ تَعْظِيمُ الْمُضَافِ كَقَوْلِك بَيْتُ اللَّهِ وَنَاقَةُ اللَّهِ، أَوْ بِمَعْنَى الْمَشْرُوعِ كَالضَّرْبِ بِمَعْنَى الْمَضْرُوبِ وَالْخَلْقِ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَدِلَّةُ الْمَشْرُوعِ أَيْ الْأَدِلَّةُ الَّتِي تُثْبِتُ الْمَشْرُوعَاتِ أَرْبَعَةٌ وَيَكُونُ اللَّامُ لِلْجِنْسِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِضَافَةِ تَعْظِيمُ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَقَوْلِك أُسْتَاذِي فُلَانٌ وَكَقَوْلِنَا اللَّهُ إلَهُنَا وَمُحَمَّدٌ نَبِيُّنَا أَيْ الْمَشْرُوعَاتُ الَّتِي تَثْبُتُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ مُعَظَّمَةٌ يَلْزَمُ رِعَايَتُهَا وَيَجِبُ تَلَقِّيهَا بِالْقَبُولِ.
ثُمَّ الْمَشْرُوعُ يَتَنَاوَلُ الْعِلَلَ وَالْأَسْبَابَ وَالشُّرُوطَ كَمَا يَتَنَاوَلُ الْأَحْكَامَ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْجَمِيعَ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي إثْبَاتِ مَا سِوَى الْأَحْكَامِ فَالْمَعْنَى مَجْمُوعُ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْمَشْرُوعَاتُ أَرْبَعَةٌ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُثْبِتُ الْجَمِيعَ أَوْ الْبَعْضَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْأَحْكَامَ لَا غَيْرَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَالْمَعْنَى الْأَدِلَّةُ الَّتِي تَثْبُتُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا الْأَحْكَامُ أَرْبَعَةٌ، أَوْ هُوَ اسْمٌ لِهَذَا الدِّينِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا كَالشَّرِيعَةِ يُقَالُ شَرْعُ مُحَمَّدٍ كَمَا يُقَالُ شَرِيعَتُهُ، وَكَأَنَّهُ إنَّمَا عَدَلَ عَنْ لَفْظِ الْفِقْهِ إلَى لَفْظِ الشَّرْعِ مُخَالِفًا لِسَائِرِ الْأُصُولِيِّينَ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ، وَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ سِوَى الْقِيَاسِ لَا تَخْتَصُّ بِالْفِقْهِ بَلْ هِيَ حُجَّةٌ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَلَفْظَةُ الشَّرْعِ أَعَمُّ وَيُطْلَقُ عَلَى أُصُولِ الدِّينِ كَإِطْلَاقِهِ عَلَى فُرُوعِهِ قَالَ تَعَالَى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى: 13] الْآيَةَ فَيَكُونُ إضَافَةُ الْأُصُولِ إلَى الشَّرْعِ أَعَمَّ فَائِدَةً وَأَكْثَرَ تَعْظِيمًا لِلْأُصُولِ، ثُمَّ قَدَّمَ الْكِتَابَ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ فِي الشَّرْعِ أَصْلٌ مُطْلَقٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَبِكُلِّ اعْتِبَارٍ، وَأَعْقَبَهُ بِالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا حُجَّةً ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ كَمَا سَتَعْرِفُ، وَأَخَّرَ الْإِجْمَاعَ عَنْهُمَا لِتَوَقُّفِ مُوجِبِيَّتِهِ عَلَيْهِمَا وَلَكِنَّ الثَّلَاثَةَ مَعَ تَفَاوُتِ دَرَجَاتِهَا حُجَجٌ مُوجِبَةٌ لِلْأَحْكَامِ قَطْعًا وَلَا تَتَوَقَّفُ فِي إثْبَاتِ الْأَحْكَامِ عَلَى شَيْءٍ فَقُدِّمَتْ عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ عَلَى الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ بِقَوْلِهِ وَالْأَصْلُ الرَّابِعُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَوَقَّفَ فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ عَلَى الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الْحُكْمِ بِهِ ابْتِدَاءً كَانَ فَرْعًا لَهُ.
وَإِلَى هَذِهِ الْفَرْعِيَّةِ أَشَارَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 19
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست